قبل ظهور الإسلام وأثناء العصر الجاهلي كانت الكتابة غير معروفة إلا من أفراد قلائل ولم يكن ذلك غريبا فلم يكونو بحاجة الى تدوين ما يحفظون من اخبار و اشعار واعتمدوا على الروا ( وهم من يحفظون هذه الاخبار والاشعار) في نقل حكايات المعارك والصراعات وغيرها من الأخبار التي وصلتنا عبر المئات من القصائد الشعرية الجاهلية.
ويحاول الكثير من الباحثين العثور على أصل الكتابات الأولى. ويقولون إن الخط النبطي هو أول الخطوط المكتوبة التي عثر عليها في شبه الجزيرة العربية. وهذا الخط يحمل صفات وملامح بدايات الخط العربي, سواء في كيفية رسمه أو اتصال الحروف وانفصالها عن بعضها البعض الاخر. وشعب الانباط هو شعب عربي أسس قبل نحو ثلاثة الاف سنة مملكة متسعة من شمال الحجاز الى دمشق بما فيها أراضي مدين وخليج العقبة ومناطق فلسطين. وكانت الألواح القديمة تكشف سمات التطور والتغير في شكل الحروف.
وكانت هذه الحروف في هذا العهد مجموعة من الاشارات والرموز المكتوبة تتشابه فيها حروف الباء والثاء والتاء وكذلك الجيم و الحاء والخاء. فقد كانت الحروف بلا نقاط. كما أن تجزئة الكلمات بين سطرين كان ممكنا.
وحين دخل العرب الاسلام وفتحوا الممالك, واختلطوا بالشعوب الاخرى خافوا ان يتسرب اللحن (وهو الخطأ في النطق) الى القرآن فوضع العالم اللغوي أبو الاسود الدؤلي الشكل لضبط الكلمة. وكان الشكل على هيئة نقاط, غير ما نعرفه الآن من الخطوط الصغيرة التي تعرف بالفتحة و الضمة والكسرة والتنوين.
وكان على الخطاط أن يشكل آيات القرآن بلونين, حتى وضع عالم آخر وهو الخليل بن أحمد الفراهيدي الشكل الحالي ليتمكن الخطاطون من الكتابة بحبر واحد اللون.
وكانت الخطوط تكتب في أول الأمر بالحروف الحيرية والأنبارية على شكلين : الخط المقور, أي اللين, وذلك في المراسلات و الكتابات. والشكل الثاني هو الخط المبسوط, وهو المستخدم في النقش على المحاريب وأبواب المساجد وكتابة المصاحف. ولما بنيت الكوفة وعاد أهلها إليها أهل الأنبار والحيرة, جود أهلها فنون الخط العربي, وعرف بإسم الخط الكوفي.
ثم بدأ الخط الكوفي يتحول الى ما نراه اليوم من خطوط في أواخر الدولة الأموية وأوائل الدولة العباسية. واخترع القلم الجليل الذي استخدم في الكتابة على الجدران, وقلم الطومار - أصغر أنواع الجليل- وإليه نسبت جميع الأقلام.
ونعرف كثيرا من الخطاطين الذين جاءوا مع خلافة المامون الذي شجع العلم والعلماء والترجمة والتأليف. ومنهم الاحول المحرر البرمكي و الوزير أبو علي محمد بن مقلة (في أواخر القرن الثالث هجري) وهو أول من هندس الحروف ووضع مقاييسها وأبعادها وألف من الأقلام ستة هي : الثلث و الريحان و التوقيع و المحقق, و النسخ و الرقاع. وبعد ابن مقلة جاء الخطاط علي بن هلال الشهير بابن البواب و ظهر أيضا في القرن السادس هجري ياقوت المستعصمي الذي تنسب اليه جودة الخط العربي في عصره. و نجح الفرس في مزج خط النسخ بخط التعليق فأخرجوا من هذا المزيج خطا جميلا رشيقا سموه (النستعليق) وهو ما نعرفه بالخط الفارسي. واخترعه مير علي التبريزي. ولما انتقلت الخلافة الاسلامية من العرب الى الأتراك, نقلوا الى بلادهم أفضل الخطاطين فازدهر لديهم الخط واضافوا اليه انواع الديواني والجلي الديواني والرقعة وكان واضع أصول الخط الديواني إبراهيم منيف. ويذكر التاريخ أحمد شهلا باشا الذي جاب مصر وبلاد إفريقيا وآسيا داعيا لنشر فنون الخط العربي.
ولا شك أن الخط العربي وفنونه كن له بالغ الأثر في الحفاظ على القرآن الكريم, والتراث الإسلامي ومع انتشار الطباعة أصبح في كل بيت مكتبة من الخطوط العربية.